السعودية- نموذج ملهم، أمل للمنطقة وريادة عالمية.

المؤلف: فهد إبراهيم الدغيثر10.15.2025
السعودية- نموذج ملهم، أمل للمنطقة وريادة عالمية.

وسط العديد من الدول المحيطة بنا، تجسدت المملكة العربية السعودية كنموذج فريد، محققة إنجازات مرموقة في صياغة مستقبل مشرق لمنطقة الشرق الأوسط. نجد في كل تصريح يلقيه كبار المسؤولين السياسيين في المنطقة والعالم، ذكرًا لاسم المملكة مقرونًا بالسلام، يتبع ذلك زيارات رفيعة المستوى إلينا. بعبارة أخرى، ترسخت قناعة لدى العالم أجمع، أكثر من أي وقت مضى، بأن رؤية هذه البلاد جوهرية ومحورية، بل وضمانة لأي جهد يصبو إلى تحقيق الأمن ومستقبل مزدهر للشعوب.

إن المكانة السامقة التي تتبوأها السعودية لم تنجم عن دعمها المالي والسلاحي لمرتزقة خونة هنا وهناك، كما فعل البعض لعقود مضت، ثم انهار خلال فترة وجيزة، بل هي مُحصّلة لتوجهها القويم نحو تنمية المنطقة، بدءًا بالمملكة نفسها. لا شك أن للمملكة موقعًا اقتصاديًا متميزًا أهلها للانضمام إلى مجموعة العشرين. ولا ريب في أن قدراتها العسكرية، من قوات برية وجوية وبحرية، عظيمة ومؤثرة، بيد أن ذلك وحده لم يكن كافيًا لولا ما شهده وتشهده البلاد من تحولات ملهمة وغير مسبوقة.

إن ملايين المواطنين السعوديين هم أساس نهضة المملكة. إنها تلك القوة الناعمة التي أسرت العالم. إنه ذلك التدفق الجارف في قدرات المواطن السعودي، الذي استجاب بكل حماس لنداء قيادته للبناء والتقدم. طاقات أذهلت جيلنا الستيني نحن السعوديين قبل أن تبهر العالم الخارجي. هم من يتطوع للعمل في مركز الملك سلمان للإغاثة، الذي بات، بلا أدنى شك، من بين أكبر المراكز الإغاثية في العالم. وفوق كل ذلك، يبرز الولاء الشعبي المتين لقيادته، والتفاؤل برؤية المستقبل، والعزم والتصميم على تحقيقها في أقصر مدة ممكنة.

إن النموذج السعودي الذي تجلى للعالم في السنوات القليلة الماضية، ترك آثارًا إيجابية عميقة تجاوزت حدود الوطن. خلال الحقبة الزمنية التي عاصرها جيلي منذ نكسة عام ١٩٦٧، لم تشهد المنطقة وأجيالها المتعاقبة أي نموذج مماثل في زخمه وأهميته. لنبدأ بعهد الرئيس عبدالناصر، مرورًا بالقذافي، ثم حافظ الأسد وصدام حسين والربيع العربي والإرهاب السني والشيعي وحسن نصر الله. كان الفشل والخواء هما الناتج الوحيد الذي اشتركت فيه تلك الأسماء البراقة. كل ما كان رائجًا من أناشيد شعبوية وانتصارات واهية وقنوات إعلامية مدفوعة الأجر لعقود، لم يتعد الخطابات الجوفاء والخيانة والدماء التي تسيل بلا توقف. لقد فقدت أجيال المنطقة أي أمل في قيادات وطنية أمينة وصادقة، ذات قوة وعزيمة وإصرار.

من هذا المنطلق، نؤكد أن المملكة فتحت آفاقًا جديدة في الوجدان العربي، وغرست الأمل في نفوس شباب وشابات المنطقة، عربًا وعجمًا. بات الجميع يعربون عن رغبتهم في الاقتداء بالمملكة، ويتمنون لو أن قيادتنا هي قيادتهم، وقدوتنا هي قدوتهم. علينا أن نعي أيضًا أن هذا التميز أثار حفيظة البعض، ممن يسعون جاهدين لتشويه صورة السعودية ونشر الأضاليل، في محاولات يائسة لإفشال مشاريعها. ورأيي في هذا الصدد، مع كامل الاحترام لكل من يخالفه، أنه عندما تبلغ الإنجازات هذا المستوى من الزخم والعظمة، يصبح الرد على مثل هذه التفاهات مضيعة للوقت لا أكثر.

لقد أثبتت المملكة ودول الخليج العربي أن بناء الدول يتطلب التخطيط الدقيق والمتابعة المستمرة، واختيار الأكفاء وإبعاد المتكاسلين دون محاباة. وأكدت أنه لا مكان للفساد المالي والإداري في ساحات البناء، وأن الإبقاء عليه يهدد بانهيار الصرح بأكمله، ولهذا واجهته بكل حزم. وأظهرت أن مشاركة جميع فئات المجتمع في بناء الإنسان والوطن ضرورة حتمية وليست ترفًا، وأن هذه المشاركة أسكتت، في خضم العاصفة التنموية، جميع الأصوات النشاز من الحاقدين المتطرفين. وأخيرًا وليس آخرًا، أثبتت السعودية، من خلال مواقفها المتعددة، أنها عصية على الابتزاز والتهديد، حتى لو صدر من أقوى دول العالم، وأن مواقفها تستند إلى المبادئ الراسخة التي تؤمن بها وتتناسب مع مكانتها العالمية ومسؤولياتها، وهذا ما أكسبها احترام الخصوم قبل الأصدقاء.

إن ما يحدث في المملكة وجيرانها في الخليج ليس نتيجة لوجود جينات مختلفة لدى شعوبها، ولا لقدرات خارقة غير مألوفة، بل هو مجرد شعور حقيقي بالمواطنة والانتماء للأرض، والدفاع عن مكتسبات الأوطان. وأتساءل بكل أمل وأسف، هل من لا يزال ينتمي للميليشيات في بعض دول المنطقة، والتي نعرفها ونعرف من يقف خلفها، وقد أصبحوا قلة ولله الحمد، يقرأ ويستوعب ويستفيق من الأحلام والأوهام والخرافات، ويعود تائبًا عن الخيانة، ويقطع التعامل مع من يوجهه لتدمير مكتسبات بلاده. الموضوع ببساطة هو إعادة ترتيب الأولويات، بحيث تتصدرها المصالح العامة ومستقبل الأجيال. هذه الأجيال التي لن تسامح، ولن تنسى من كان السبب في دمار بلادها وإضعافها وتخلفها، على الرغم من توفر القدرات الشابة الطموحة والموارد الطبيعية الهائلة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة